مرطبانات أمي

أمي تحبّ تشتري و تجمع قرابيع على الإنترنت و تنسبهم بأنتيكات. الفترة الأخيرة، مسكت مزاجها على مرطبانات زي هذي:

مرطبانة عن مرطبانة غير!
من معجزات وسائل النقل و استقعادهم عليا، إنو من المرطبانات الستة اللي وصلوا البيت، ما انكسر منهم إلا واحدة.

من الهلع، قلت لها لما تموت حأرمي كل قرابيعها في الزبالة.

قالت حتصير شبح و تسكن البين-و-البين لترعبني.

بصفتها البكر بين إخوانها، فتحت لها أكبر مرطبانة. "إيبو، سمعتي عن علاءالدين و الجني الأزرق بتاعه؟"

و عشان ما تنسى أي مرطبانة حتسكن فيها لما تصير شبح، كتبت في كل وحدة أساميهم: أمي و أخوانها. (اتخيل لو رفعت غطاء المرطبانة الغلط و فضحت أسرار نسائية لشبح خالي، مثلاً.)

الكلام داه صار على المغرب. و انت عارف رهبة المغيب. و صفنت أمام خمس مرطبانات أنتيكة عليهم أسماء خيلاني و خالاتي و أمي و المؤذن بينادي و بيتشهد.

فكملت كتابة:

Wawung, Ibu, Ade, Anggi, Miau
كتبت اسمي و أسماء إخواني و سيدي الشيخ على ورقة و حطيت الورقة -لأ، بل جمعتهم في مرطبانة أمي.

و كتبت أسماء عيال خالاتي و خالي معاهم. و اسم خالي العازب مع جدي و جدتي.

للاحتياط.

اعتزلنا لفظ الفضة

 

ياخي، مافي زي الاكتئاب أنيسا للإبداع.

طبعا، هذا لو الاكتئاب ما قلب عليك و دفّك إلى حفرة الانتحار. بس مو مشكلة. معظم الناجين من فتك الإبداع أنهوا فترة عزائهم و بتقبّـل انعدام الأمل أخيراً و نهائياً من حياتهم، ليتعايشوا و يتأقلموا مع ثبات و انتفاخ حجم الاكتئاب في شتى فراغاتهم. (فعلاً، الكآبة فضاء من فيضان الفضاوة. اصطلاحاً، ما في مشغول فاضي لتفويض الكآبة بفوضاته.) و تعلموا كيف يقللوا من سيطرة الاكتئاب تماما (على الفارغ و المكدوس) برفع نسبة التبن في حميتهم - فلا بأس.

أمزح معك. التبن وجبة أساسية لا مفر منه، سواء كنت من المكتئبين أو المتشردين في الفوضة. اللهم احنا مخيرين بين أكلها أو أخذها كتحاميل.

ما سمعت

At some point, it became unbearable.

How are we, small and far and mortal, supposed to bear a force as powerful as love?

أزعجني السؤال. أزعجتني المعطيات: مو معقول البشرية بصغرها و حدتها و قسوتها مكلفة بشيء مثل الحب.
مثل الحب اللي وقعنا فيه.

طب تعال، قلت، دام الحب طاقة كونية، تعال نستشيره و نسأله
ليش، يا إلـهي؟ معقول تكلفنا ما لا طاقة لنا و لا وسع؟

و جمعتك من خصرك، ضلع على ضلع، و سحبتك معي، و سلّمنا أرواحنا و أجسادنا و الكلفة التي كادت تقتلنا للبديع.

و استنصتناه.

(I lack the language. I don't care. I have to tell.)
It sounded, at first, like sand falling in an hourglass.
So so so so so soft. Soft.
Swish. Swish. Wishwishwish.

Then it grew louder. And louder. Earth roared. Thunder rolled. Until there was nothing, none of you, none of me, none of all. All but frightful noise.

And something terrible cracked.
DHAHH!

(ضوء؟)
لو كنا خربة وخالية وعلى حافة الهاوية، و اليأس و الجزع علينا طاوية،
عندما انكسرت الظلمات، انشقت السماء فكانت ضاوية.

(اتحملني كمانة سطرين. أو أربع. طعشر.)
"و كان كل شيء جميل و ما وجعنا شيء."*

ما وقعنا. لا في حب و لا من جاذبية. بل مع كل شهقة خففنا. و مع كل زفرة ارتفعنا. و الجزء الصغير الضعيف الضيق فينا انحلّ و اتزئطط و اتنازل عنا.

و امتلأنا الكون. و ملئنا الكون.
(حب؟ ضوء؟ فرقت؟)

"قدوس. قدوس. رب الكون و الروح، لبيك و أسلمنا و آمنا."

حتى لما رجعنا، رجعنا أخفّ و أوسع و أصفى.
لو كان منه، فما لنا إلا فيه، و أنا إليه لراجعون.

 


*من “بيت المجزرة-5.”

عن فول نيسان

في إندونيسيا، عندنا حاجة كتكوتة زي هذي:

و في موقع قياس حجم الإطار حسب طول الراكبة.

لازم تعرف بالضبط يعني؟

آخر شيء، في الخبر داه:

مين المزّة الأخضر داه؟!

جمّعت معاك الفكرة و لا لسا؟

من مخاطر الكتابة و من أساليب التفادي

من مخاطر الكتابة الإنجراف مع مواضيع الكتابة. لأن الكتابة الجيدة تتطلب مشاركة تامة من الكاتب مع مواضيعه. فلو الكاتب مش متحمس، كيف يقنع قرّاؤه؟ المشكلة تبدأ لما الكاتب يغرق في كتابته و ينسى مواعيده و يلخبط ساعات نومه. في حينها، تتزحزح مرتكزاته الروتينية و مراسيه مع الواقعية و يبدأ بالإنجراف في سيول ذهنية.

كنت بكتب عن إيلْريادو -

...إيلْريادو كانت مدينة مبنية على جبل من ذهب. من كثر الذهب اللي فيها، بدلا من الطوب و الحديد، المباني و الشوارع و الجسور اللي فيها كانت مبنية من مشتقات الذهب المسلح. كل شيء كان أصفر-ذهبي لامع، لدرجة أنهم في ساعات المغيب و الشروق تجنبوا الخروج بسبب خطر العمى-المؤقت من انعكاس ضوء الشمس المائل على الشوارع و المباني الذهبية.

بس المدينة هذه، لأجل الحفاظ على استقرارها الاقتصادي، منعت نصف سكانها من التماس الذهب العام. النصف ذاه كانوا في البداية معاقبين بالحرمان عن الذهب لأنهم أسرفوا في استهلاك و ارتداء و تكديس الذهب في مخازنهم الخاصة؛ مما أدى إلى أزمة اقتصادية مزمنة في إيلْريادو. و اضطر قيصر إيلْريادو بمنع ذلك الصنف الطامع لللامع من الشعب بأكمله، عندما نطق لعنته عليهن أجمع: "و إله القيصر و إيلْريادو، لو مشت الأميرة بنت القيصر على غبر من ذهب، لقطعت رجلها..."

اكتئبت من الحكاية لما خلصت من أول مسودة. كل عناصر الرواية الجيدة احتوتني بقدر ما استهلكت منها: تمرد و مخاوف و كراهية و يأس. و حاولت أخفف عن آثاره بالإشتكاء لشاعر. بس ما راح الكآبة. و بالعكس، كأّبت الشاعرمعايا. (و الشعراء مو ناقصهم مِلنخوليا.)

بس الكون لما يبغى منك حاجة، حيفتح لك شبابيك فرص و إقناع و تصبير إلين ما تخلص مطالبه منك، حتى لو أنزل لك دابة طائرة و رفعك لآخر السماء. (و بالعكس، لو الكون لسا مش راضي، حتى لو شلت الأرض على كتفيك و رجّيته لإسقاط ما تريده، ما كنت لقيته.)

و تعرف كيف يقولوا لك "نم عليها" بالانجليزي؟ لو الليل سحره استبصاري، فالصباح سحره عطائي. ففي صباح اليوم التالي، بينما كنت أتجهز لمسح الرواية التي كادت تقتلني من الاكتئاب و الإيثار الزائد نحو الأوهام (أي بدايات الجنون)، طلب مني أحد أصدقائي في تويتر لقراءة مسبب لمَيْـلي الانتحاري. عفوا، أقصد لجهدي الروائي.

اكتشفت منه الدواء لأدواء الكتابة: الحضور. المشاركة. الحضور. تعليق القارئ. الحضور. أيوا. يكفي الحضور. يكفي أن من أول ما سمحت له بالقراءة، تنازلت عن شيء من احتكاري العاطفي نحو المنتج الإبداعي. كسر حضوره كمشارك لمآسي سكان إيلْريادو حواجز العزلة الإبداعية اللي حصرتني في أوحش ركن في دماغي. (لأن الكتابة عملية نبش في المجهول، و جنون خدم الإبداع تبدأ من لما ما يعرف طريق العودة للمعلوم.)

ذهلت. ذهلت من بساطة الحلّ. ذهلت من صدفة حدس قارئي. ذهلت من إصرار الكون عليا - لدرجة أنه أرسل لي ما يواسيني – ربما لتتمة المشوار الطويل اللي اسمه "المراجعة".

و آخر شيء، ذهلت من سيدي تايمكيپر. أنو بعد ما حكيت له ما حدث بيني و بين الرواية و قارئها الأولاني؛ سمّع لي بيت شعر بالعربي:

وهذا كتابي نائب عن زيارتي *** كما في عدم الماء التيمم جائـــــز

أُتئ

أُتئ كانت تقرب لنا من هنا أو هناك. و الحكاية هذه صارت من زمان-من زمان، بس لساعو عم بيأثر في قراراتنا اليومية حول الأشياء الصغيرة و الكبيرة و البين-و-بين.

كان رمضان و العيد قرّب و أٌتِئ كانت في تسعيناتها و مستولية تماما على المطبخ. أولادها قالوا لها ترتاح بس ردّت عليهم أنو الضيوف جايين و لازم تلحّق عليهم. فقعدت أٌتِئ تطبخ و تطبخ و تطبخ...و ما ريّحت إلين ما خلّصت. و لما خلّصت، اتوضّأت، صلّت و أخذت قيلولة و ما حترجع تصحى ثاني إلى يوم البعث.

أمي، الله يخليها، تحكي لنا الحكاية هذي كلما تمرض و ترفض تتحاشى الطب الغربي – رغم طراطيعنا المرعوبين. تقول أنها تبغى ترجع لله مثلما رجعت له أُتئ: أنها اشتغلت، اشتغلت، اشتغلت لآخر لحظة في حياتها. و لو الطب الغربي حيقطّع في جسمها و يسرّب من روحها قبل أوانه و يمنعها عن الشغل، ما كان الشيء متوافق مع هيئة المنتهى المثالي اللي تبغى توصل لها أمي.

(أو المنتهى المثالي لستيف جوبز. فاكر؟ هو كمان اشتغل-اشتغل-اشتغل بعدين وقّف-بس-عشان-يلحق-يموت.)

و فكرت فيهن، في أمي و أُتئ، كلما أتأففت من اليوغا و مشاوير الدراجة و فرك بلاط البيت. فكرت كيف الحفاظ على اللياقة بياخذ وقت و طاقة و رضى تام بالمكتوب. و أن الحفاظ على لياقة بنية معظمها مائية زي أجسامنا - بلاش لحد المثالية، يكفي لحد ما أخلص من بلاطات الصالة - شيء يستاهل الغلبة لأجلها. مو عشان الفساتين ما يضيقوا لا تحاشياً للمرض. و لا جدالا حول عقودنا مع الوجود؛ ما هيك-هيك إحنا متواعدين مع عزرائيل لا محالة.

بس عشانه حلو لو قدرنا نستقبل السكون التام و شهادة أيدينا تنقط و تفوح منا و تؤكد علينا. عشانه حلو لو قدرنا نشتغل - نخدم الخالق و المخلوقات - إلين ما يجي ضيافة عزرائيل علينا.

و لو الشيء ديه، المنتهى البسيط اللي اتوصلت لها أٌتِئ، مش كفاية للحفاظ على سفن أرواحنا، أجل إيش بقى يستحق محاولة البقاء لأجله على وجه الأرض؟

من مغامرات أم عادل قبل عيد ميلادها الـخامس و الخمسون*

مرة، و من غير ما تقول لنا و من ورانا، راحت أم عادل الحجّ و مشيت من عرفة لمزدلفة لمنى. يعني مسافة 11 كيلومتر تقريباً. و الشيء داه صار قبل سنتين أو ثلاث. يعني كان عمرها في أوائل الخمسينات.

مشوار عرفة-مزدلفة-منى

الجهد النبوي سبّب لها نزيف في مهدنا الأولى. إخواني طرطعوا. أنا كرعت. هي على دورها، خافت أكثر من السكين و المسكنات و الطب الغربي بدل من أسوأ الاحتمالات و أأكد الحتميّات. فمسكناها بالطب الجاوي: لمسة و خرافة و أخلص الدعوات.

اتعافت الحرمة. لأنه، لو الخرافات داء، فالإيمان بها دواء. بدليل أنها لسا عايشة. الله يخليها أربعين سنة كمان لطالما أنها مرتاحة، انشالله، و مو أكثر لو ما كانت مرتاحة. لأن نكسـة أرذل العمر كمانة مش هيّنة.

***

مرات كثيرة كمانة، لما كانت في منتصف الثلاثينات و احنا يا دوبنا نمشي، و فلوسنا يا دوبه فراتة، كانت أمي تجمّعنا تحت طاولة السفرة، و تشتغل في الكيك و الكوكيز على الطاولة. و احنا نتخيل حالنا حجاج، و الطاولة هي الخيمة، و أم عادل رئيسة المكتب و توزع علينا اللقمات؛ لقمة لعالية، لقمة لعادل و لقمة لأنغي، و تكمل لتّ و عجن الكيك و الكوكيز اللي في إيدها. الكيك و الكوكيز اللي في إيدها، بعد ما تجهز، كانت حتتباع لناس نعرفهم و ما نعرفهم. و كان فلوس الكيك تتحول لمريول مدرسة أو ثيبان عيد.

مرات، و الشيء داه صارت أكثر من سجل الذكريات، شالتنا من تحت الـ”خيمة” و حطّتنا في السرير، و رجعت ع طاولتها و راقبت الشباك اللي تواجه حوش البيت و استنّت بابا و هي تكمل عجن الكيك و الكوكيز لنهايات بطن الليل. أحيانا تجلس في السكون و الرعب يدبّ في أطرافها، من الأصابع للأكتاف و من الأصابع للأفخاذ: وش صار في بابا؟ ليش اتأخر؟ أفرض يفتح باب الحوش و يدخل شيء ثاني غير بابا…

…انت عارف؟ الجيل قبل الجوالات الذكية و الشبكات الإنترنيتية، يتذكروا أكثر و أقوى لأن الرعب و الانبساط كانوا خبرات بدنية انفعالية إدراكية كاملة. كان أي حدث بتصير معانا سمعا، نظرا، لمساً ذوقا و (أقواهم و أشملهم) شمّاً. الخبرات ما كانت منحصرة داخل شاشات تكنولوجية وانطباعات ثانوية و وهمية. و المسافة بين الرعب و الانبساط مسافة فتح باب وقفله. مسلّمين تحت حكم مفاجأة الأقدار بلا نقاش و لا محالة. اللي يجي، يجي. و هيك اللي صار…

و صار اللي صار و مرة صارت أم عادل جـَدة. و احنا عمّة و عمّ. و حنحكي لأولاد شهد و عادل الحكايات هذي عن ستّهم. انو مافي شيء مستحيل طالما في الاحتمالات و قبل الحتميّات.

طالما الكيك و الكوكيز في الأفران. و بيننا مسافة مشوار.

*عيد ميلاد سعيد، إبو.

طرش البحر

ما أدري عنك، بس المصطلح «طرش البحر» ما يزعجني (و – أعتقد – أنو ما يزعج إخواني كمان). ولو استمريت بهذه المدونة، حاستعملها كثير لأنها جزء من هويتي. بالنسبة لي، الألقاب – جميعها، و مو بس «طرش» – عنصر محايد لا يحتوي على مشتقات الخنزير وخالي من الكحول. فما له مفعول. ليش أحكي لك هالكلام؟

مرة، كان في واحد عراقي لاجئ غير قانوني في هولندا. المملكة الهولندية، مثل دول أوروبا، عندها أنظمة معونة للاجئين. بس اللاجئ العراقي اللي بنحكي عنه ده، ما كان عنده شيء.

أول ما وصل هولندا، ما كان عنده أوراق ترخيص إقامة. و لا كان يعرف يتكلم هولندي. اللهم كلمتين تمشيه وبس. ما كان عنده بيت ولا حاجة. فاتشرد. ما أعرف تفاصيل حياته الفترة هذه؛ كل ما يحكي عنها يثخن صوته و يتكلم بسرعة و يمشي الموضوع. و الوصف المتبقي من الفترة هذه: إنو في الربيع و الصيف يحس حاله خفيف مغفور، وفي الشتاء وهن العظم عجوز.

نسرع شريط الزمن. اللاجئ العراقي تعلم اللغة الهولندية. ومو بس أتقنها، فحل فيها و بالزايد. صار يكتب قصائد شعرية باللغة الهولندية، واتجرأ يلتحق بمسابقات شعرية ويفوز على المستوى الأوروبي. والمملكة الهولندية تقدر أشياء زي كده، بس بدال ما تعطيه رخصة إقامة، أعطته الجنسية الهولندية، ووظيفة تعليمية في كلية آداب ومنحة تكفيه ليتمشى ويعيش بس للكتابة.

آخر مرة كلمته، ذاك الطرش، كان يتسوح في أسبانيا عشان الشتاء في هولندا مو عاجبه وقرر يستغل الأشياء اللي بتزعجه ليخلق منها ما هو مفيد وجميل ومكسب.

سبعة أسباب خلاني أدوّن بالعربي المدبلج بالكلج

  1. بحب الكتابة. و أصدق المكتوبات هي الأكثر قربا لأسلوب كلام الكاتب. فهيك بحكي. و لو مرة لازم تعرف ليش بحكي هيك، بدك تعرف مراحل تطور اكتساب اللغة عندي. و هاي مدونة ليوم ثاني. (و لو بدك تتبرع بوقتك و تحرركتاباتي و تخفف كلجاتي، قل لي و بكون ممتنة.)

  2. لأن الدماغ تخزن اللغات في مناطق محددة: هنا كمشة الأعصاب اللي تخزن الكلمات الجاوية، هناك الانجليزية، و هذيك الحتة متخصصة في البضان. الحين، الإبداع عبارة عن تكوين روابط جديدة بين محتويات الأعصاب هذي. و لأني حمارة، أعتقد أني استهلكت كل مجالات الترابط بين الإنجليزي و الجاوي و ما بقى إلا البضان أو العربي المكلج. فاخترت أرحم الشرّين.

  3. لأن المواضيع اللي بحكي عنه في مدوناتي كلها بدهاش دقة لغوية. و لو كان بدها هذيك الدقة، ما كنت دوّنت. كنت فتحت مظلة و فرشت طاولة و صرت كاتبة عدل قدام بقالة المحكمة.

  4. لأن الناس أجناس. و اللغة العربية كمانة أشكال. و مش دايما التجانس و الجنسيات أهم من الفكرة.

  5. لأن اللي يهمه الأمر ح يفهم. (و لا ما كان حيكون ليا رفقاء عمر من بين العرب.) (و اللي ما يهمه الأمر، ياخي ليش ملقوف؟)

  6. لأن اللغات، في النهاية، مجرد إشارات. مش الخبرة نفسها. مش الشاهد عليك. فهناك مواضيع مش راح يفهمها أحد إلا اللي مروا بنفس الخبرات. و ياخي، مش لازم تفهم كل شيء عشان تؤمن في صحته. و مش لازم تتزمت في كل شيء مؤمن فيه. ياخي، اترك شيء لله.

  7. و مهما صَـفـَـت دماغك و أفكارك…مهما حكينا و فكّرنا و تجادلنا و استنتجنا، مش راح يكون أهم من تطبيقنا اليومي:
    • وش يعني لو كان عندك دكتوراه و بشارة بالجنة و لياقة جينية للتناسل؟ اللي بتعنيني فيك فائدتك في حياتي الشخصية.
    • وش يعني لو عندك علم و لغة و دين؟ ما هيك-هيك حتتحاسب لحالك و انت ساكت.
    • وش يعني لو عندك غنى و شهرة و نسوان، لو عن الغضب ما تصبر، و عن العيب ما تستر و على الضعيف ما ترحم و نحو الكبير ما تحترم؟

عن الرعشات و الطراطيع

اكتشفت، من ممارسة اليوغا و تأمل الڤيپاسانا، أن هناك عدة أنواع للرعشات:

  • رعشة جنسية و طراطيع فرجية
  • رعشة روحية و طراطيع قدوسية
  • رعشة رياضية و طراطيع بدنية.

كل الرعشات تظهر على شكل طراطيع أدرنالينية؛ تؤثر على كيميائيات الدماغ باللذة لفترة معينة.

في لحظة حدوث الرعشة، تنقى الحواس و ترطب الأرواح و تحلو الحياة. و لحظة الهدوء التي تلي الرعشة، تشعر و كأن دماغك اتفرمت و خلقت خلقاً جديداً.

بس مش داه المهم. مش الطراطيع المهمة. أحياناً حتى مافي طراطيع، بس وش يعني؟

في نادي و لا ما في، اركض. في جنس و لا ما في، حبّ. في جنة و نار و لا مافي، اعبده رغما و شكراً. وش يعني لو ما في طراطيع؟

لو اشتغلت بس عشان الطراطيع، ما حتطلع إلا بالطراطيع و بدايات إدمان الطراطيع. و حيتلاشى متعة حياتك كلما زال الطراطيع. بس لو اشتغلت بغض النظر عن الطراطيع، لو اشتغلت عن حبّ و حسن الظن في الاستمرارية، بوجود الطراطيع أو بدونه، تـنـتـشي.

عن أيام كسخت-اليوغا.

مثل أي علاقة طويلة المدى، عندي تقسيم لأيام اليوغا.

  • يوم رهيب: ساعتين متتالية، تركيز سولِد سنايك، قوة هرقل، و مرونة صلصال. أيام زي هدي مالهاش حكاوي. حلوة و بس.
  • يوم طناش: أكون تعبانة، أو يكون عليا الإجازة الشرعية، أو ملتهية بالثرثرة في تويتر. أيام زي هذي كمانة مالهاش حكايات. طناش و انشالله ما تقلب نكبة و بس.
  • يوم كسخت-اليوغا. أيام – قد ما بحاول فيهم – ما يمسك معايا و بيتراكم فشلات على تفشيلات. أقوم من لحاف اليوغا متصببة عرق و دماغي بتقطر من وذاني و يا ليتني ما جربت وضعية العقرب و خاطرت بفتافيت كرامتي على حساب جمجمة أو قوقعة أذن و بلاط البيت.

عادة، بعد أيام الكسختية أفرط في استهلاك مسكنات الفشل: اللوم. لوم الذات و لوم المعلم و لوم العالم. “أكيد فشلت عشان معلم اليوغا ما علّمني الوضعية، و عشان صار زلزال و حرّك البلاط…و عشان اليوم خميس و قربت القيامة و احنا أصلاً عيال آخر الزمن و منحوسين.”

بس الدماغ جهاز حلو. بعد ما يتعبأ بفائض اللوم، حيعمل ريستارت و يبدأ الدماغ يجهز نفسه بأفكار تعويضية خارقة كمان. وقتها يتغير المؤثرات الصوتية و تسمع منولوغات زي: “ماذا ستفعل بكمية الفشل الساحق التي أذلّك اليوم؟ هل ستبكي و تنام أم ستعود غداً من جديد و تـ**ـك أم اليوغا؟”

الجميل في أيام الكسختية أنه عامل شد حيل طبيعي و تلقائي. من غير ما يجري ورايا عوامل خارجية (إلحاح الملابس الضيقة، استهزاء وجه الميزان، فيديوهات اليوغا، إلخ)، أقل فائدة للفشل هى التحميس. كلما فشلت، كلما اتحمس للإنجاز، وتزيد القيمة المعنوية للاستثمارات اللي بذلتها على لياقتي و لحافي و سنين الممارسة.

و مو بس كدة. في بونس كمان. إنو حتى أسوأ يوم يوغي تحفز الحاجة للتعويض في جوانب أخرى الأخرى من حياتي اليومي، بعيداً عن اللحاف. لأني مش بس هاوية يوغا. (مافي أحد سطحي لهالدرجة.) كلنا عندنا لائحات التزامات و أدوار اجتماعية تتبدل لحظة بلحظة لازم نتممها، برضو، لحظة بلحظتها. مع أن اليوغا بتاخد مني 8% من يومي لسا في باقي 82% من اليوم لازم أواجهه. و كل جزء من هالنسبة المئوية، أو ما يقارب 22 ساعة في اليوم، عبارة عن قرارات لحظية متتالية: “هل أمضيهم بالشعور بالفشل؟ و لا استغل الفشل كمحفز كسختية خارقة؟” أصير أكتب أسرع، أقرأ أكثر، و استمتع بالفائدة العامة للرياضة (سواء كان يوم حلو أو فاشل): التأني النسبي اللي بيستمر معايا طوال اليوم و اليوم اللي بعده كمان.

مثلا، لو خططت أني أتمرن بكرة، لازم أنام بدري عشان أصحى بدري. و عشان أنام بدري، لازم أخلص كتاباتي و واجباتي بسرعة. يعني أخفف كلام و تويتر و قهوة. أشرب الكثير من الماء. يعني إدارة فعالة للوقت و الرجيم و التناحة. (و مين ما يحب التناحة؟ تحيا التناحة!)

و بما أننا كائنات ملولة، أشكر الطبيعة لوجود أيام كسختية. و لقدرتنا الطبيعية للتعود و اتباع مؤامرات المزاجات. و مرونة أجسامنا و أذهاننا في تحمل المشوار الطويل و المنوع لأجل يوم و لحظة و وضعية أحسن من أمس.

تدوينة تمهيدية

طوّل بالك معايا حبة. بس أجمع نوتاتي و أتعود على لوحة المفاتيح العربي عشان أبدأ أدون كلمتيني، ماشي؟ و دامك ألريدي هنا، تقدر تاخذ لك نظرة على المدونة الرئيسية نينغ أو تتابعني في تويتر. شكراً على متابعتك.

~ عالية