ما أدري عنك، بس المصطلح «طرش البحر» ما يزعجني (و – أعتقد – أنو ما يزعج إخواني كمان). ولو استمريت بهذه المدونة، حاستعملها كثير لأنها جزء من هويتي. بالنسبة لي، الألقاب – جميعها، و مو بس «طرش» – عنصر محايد لا يحتوي على مشتقات الخنزير وخالي من الكحول. فما له مفعول. ليش أحكي لك هالكلام؟
مرة، كان في واحد عراقي لاجئ غير قانوني في هولندا. المملكة الهولندية، مثل دول أوروبا، عندها أنظمة معونة للاجئين. بس اللاجئ العراقي اللي بنحكي عنه ده، ما كان عنده شيء.
أول ما وصل هولندا، ما كان عنده أوراق ترخيص إقامة. و لا كان يعرف يتكلم هولندي. اللهم كلمتين تمشيه وبس. ما كان عنده بيت ولا حاجة. فاتشرد. ما أعرف تفاصيل حياته الفترة هذه؛ كل ما يحكي عنها يثخن صوته و يتكلم بسرعة و يمشي الموضوع. و الوصف المتبقي من الفترة هذه: إنو في الربيع و الصيف يحس حاله خفيف مغفور، وفي الشتاء وهن العظم عجوز.
نسرع شريط الزمن. اللاجئ العراقي تعلم اللغة الهولندية. ومو بس أتقنها، فحل فيها و بالزايد. صار يكتب قصائد شعرية باللغة الهولندية، واتجرأ يلتحق بمسابقات شعرية ويفوز على المستوى الأوروبي. والمملكة الهولندية تقدر أشياء زي كده، بس بدال ما تعطيه رخصة إقامة، أعطته الجنسية الهولندية، ووظيفة تعليمية في كلية آداب ومنحة تكفيه ليتمشى ويعيش بس للكتابة.
آخر مرة كلمته، ذاك الطرش، كان يتسوح في أسبانيا عشان الشتاء في هولندا مو عاجبه وقرر يستغل الأشياء اللي بتزعجه ليخلق منها ما هو مفيد وجميل ومكسب.